كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأيًّا مَّا كان فهي كلام معترض بين جملة {هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام} الخ وبين جملة {إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية} [الفتح: 26].
ونظم هذه الآية بديع في أسلوبي الإطناب والإيجاز والتفنن في الانتقال ورشاقة كلماته.
و{لولا} دالة على امتناععٍ لوجودٍ، أي امتنع تعذيبُنا الكافرين لأجل وجود رجال مؤمنين ونساء مؤمنات بينهم.
وما بعد {لولا} مبتدأ وخبره محذوف على الطريقة المستعملة في حذفه مع {لولا} إذا كان تعليق امتناع جوابها على وجود شرطها وجودًا مطلقًا غير مقيد بحال، فالتقدير: ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات موجودون، كما يدل عليه قوله بعده {لو تزيَّلوا}، أي لو لم يكونوا موجودين بينهم، أي أن وجود هؤلاء هو الذي لأجله امتنع حصول مضمون جواب {لولا}.
وإجراء الوصف على رجال ونساء بالإيمان مشير إلى أن وجودهم المانع من حصول مضمون الجواب هو الوجود الموصوف بإيمان أصحابه، ولكن الامتناع ليس معلقًا على وجود الإيمان بل على وجود ذوات المؤمنين والمؤمنات بينهم.
وكذلك قوله: {لم تعلموهم} ليس هو خبرًا بل وصفًا ثانيًا إذ ليس محط الفائدة.
ووجه عطف {نساء مؤمنات} مع أن وجود {رجال مؤمنون} كاف في ربط امتناع الجواب بالشرط ومع التمكن من أن يقول: ولولا المؤمنُون، فإن جمع المذكر في اصطلاح القرآن يتناول النساء غالبًا، أن تخصيص النساء بالذكر أنسب بمعنى انتفاء المعرة بقتلهن وبمعنى تعلق رحمة الله بهن.
ومعنى {لم تعلموهم} لم تعملوا إيمانهم إذ كانوا قد آمنوا بعد خروج النبي صلى الله عليه وسلم مهاجرًا.
فعن جُنْبُذٍ بجيم مضمومة ونون ساكنة وموحدة مضمومة وذال معجمة بن سَبُع بسين مهملة مفتوحة وموحدة مضمومة، ويقال: سِباع بكسر السين يقال: إنه أنصاري، ويقال: قاري صاحبي قال: هم سبعة رجال سمي منهم الوليد بن الوليد بن المغيرة، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة وأبو جندل بن سُهيل وأبو بَصِير القرشي ولم أقف على اسم السابع وعُدَّتْ أمّ الفضل زوجُ العباس بن عبد المطلب، وأحسب أن ثانيتهما أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط التي لحقت بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد أن رجع إلى المدينة.
وعن حَجَر بن خلف: ثلاثة رجال وتسع نسوة، ولفظ الآية يقتضي أن النساء أكثر من اثنتين.
والظاهر أن المراد بقوله: {لم تعلموهم} ما يشمل معنى نفي معرفة أشخاصهم ومعنى نفي العلم بما في قلوبهم، فيفيد الأول أنهم لا يعلمهم كثير منكم ممن كان في الحديبيّة من أهل المدينة ومن معهم من الأعراب فهم لا يعرفون أشخاصهم فلا يعرفون من كان منهم مؤمنًا إن كان يعرفهم المهاجرون، ويفيد الثاني أنهم لا يعلمون ما في قلوبهم من الإيمان أو ما أحدثوه بعد مفارقتهم من الإيمان، أي لا يعلم ذلك كله الجيش من المهاجرين والأنصار.
و{أن تطأوهم} بدل اشتمال من {رجال} ومعطوفه، أو من الضمير المنصوب في {لم تعلموهم} أي لولا أن تطئوهم.
والوطء: الدوس بالرِجل، ويستعار للإبادة والإهلاك، وقد جمعهما الحارث بن وعْلَة الذُهلي في قوله:
ووطِئْتَنا وَطْأَ على حَنَق ** وَطْءَ المقيَّدِ نَابتَ الهِرْم

والإصابة: لحاق ما يصيب.
و(مِن) في قوله: {منهم} للابتداء المجازي الراجع إلى معنى التسبب، أي فتلحقكم من جرائهم ومن أجلهم مَعرة كنتم تتقون لحاقها لو كنتم تعلمونهم.
والمعرة: مصدر ميمي من عَرّه، إذا دهاه، أي أصابه بما يكرهه ويشق عليه من ضر أو غرم أو سوء قالة، فهي هنا تجمع ما يلحقهم إذا ألحقوا أضرارًا بالمسلمين من دِيَاتتِ قتْلَى، وغُرم أضرار، ومن إثم يلحق القاتلين إذا لم يتثبَّتوا فيمن يقتلونه، ومن سوء قالة يقولها المشركون ويشيعونها في القبائل أن محمدًا صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم ينج أهل دينهم من ضرهم لِيُكَرِّهُوا العرب في الإسلام وأهله.
والباء في {بغير علم} للملابسة، أي ملابسين لانتفاء العلم.
والمجرور بها متعلق بـ {تصيبكم}، أي فتلحقكم من جرّائهم مَكاره لا تعلمونها حتى تَقعوا فيها.
وهذا نفي علم آخر غير العلم المنفي في قوله: {لم تعلموهم} لأن العلم المنفي في قوله: {لم تعلموهم} هو العلم بأنهم مؤمنون بالذي انتفاؤه سبب إهلاك غير المعلومين الذي تسبب عليه لحاق المعرة.
والعلم المنفي ثانيًا في قوله: {بغير علم} هو العلم بلحاق المعرة من وطأتهم التابع لعدم العلم بإيمان القوم المهلَكين وهو العلم الذي انتفاؤه يكون سببًا في الإقدام على إهلاكهم.
واللام في قوله: {ليدخل اللَّه في رحمته من يشاء} للتعليل والمعلل واقع لا مفروض، فهو وجود شرط {لولا} الذي تسبب عليه امتناع جوابها فالمعلل هو ربط الجواب بالشرط، أي لولا وجود رجال مؤمنين ونساء مؤمنات لعذبنا الذين كفروا وأن هذا الربط لأجل رحمة الله من يشاء من عباده إذ رحم بهذا الامتناع جيش المسلمين بأن سلمهم من معرة تلحقهم وأن أبقى لهم قوتهم في النفوس والعدة إلى أمد معلوم، ورحم المؤمنين والمؤمنات بنجاتهم من الإهلاك، ورحم المشركين بأن استبقاهم لعلهم يسلمون أو يسلم أكثرهم كما حصل بعد فتح مكة، ورحم من أسلموا منهم بعد ذلك بثواب الآخرة، فالرحمة هنا شاملة لرحمة الدنيا ورحمة الآخرة.
و{من يشاء} يعمّ كل من أراد الله من هذه الحالة رحمته في الدنيا والآخرة أو فيهما معًا.
وعبر بـ {من يشاء} لما فيه من شمول أصناف كثيرة ولما فيه من الإيجاز ولما فيه من الإشارة إلى الحكمة التي اقتضت مشيئة الله رحمة أولئك.
وجواب {لولا} يجوز اعتباره محذوفًا دل عليه جواب {لو} المعطوفة على {لولا} في قوله: {لو تزيلوا}، ويجوز اعتبار جواب {لو} مرتبطًا على وجه تشبيه التنازع بين شرطي {لولا} و{لو} لمرجع الشرطين إلى معنى واحد وهو الامتناع فإن {لولا} حرف امتناع لوجود أي تدلّ على امتناع جوابها لوجود شرطها.
و{لو} حرف امتناع لامتناع، أي تدل على امتناع جوابها لامتناع شرطها فحكم جوابيهما واحد، وهو الامتناع، وإنما يَختلف شرطاهما فشرط {لو} منتف وشرط {لولا} مثبت.
وضمير {تزيلوا} عائد إلى ما دل عليه قوله: {ولولا رجال مؤمنون} الخ من جمع مختلط فيه المؤمنون والمؤمنات مع المشركين كما دل عليه قوله: {لم تعلموهم}.
والتزيَّل: مطاوع زيَّله إذا أبعده عن مكان، وزيلهم، أي أبعد بعضهم عن بعض، أي فرقهم قال تعالى: {فزيلنا بينهم} [يونس: 28] وهو هنا بمعنى التفرق والتميز من غير مراعاة مطاوعة لفعل فاعل لأن أفعال المطاوعة كثيرًا ما تطلق لإرادة المبالغة لدلالة زيادة المبنى على زيادة المعنى وذلك أصل من أصول اللغة.
والمعنى: لو تفرق المؤمنون والمؤمنات عن أهل الشرك لسلَّطنْا المسلمين على المشركين فعذّبوا الذين كفروا عذاب السيف.
فإسناد التعذيب إلى الله تعالى لأنه يأمر به ويقدر النصر للمسلمين كما قال تعالى: {قاتلوهم يعذبْهم بأيديكم} في سورة براءة (14).
و(مِن) في قوله: {منهم} للتبعيض، أي لعذبنا الذين كفروا من ذلك الجمع المتفرق المتميز مؤمنهم عن كافرهم، أي حين يصير الجمع مشركين خلّصا وحدهم.
وجملة {لو تزيلوا} إلى آخرها بيان لجملة {ولولا رجال مؤمنون} إلى آخرها، أي لولا وجود رجال مؤمنين الخ مندمجين في جماعة المشركين غير مفترقين لو افترقوا لعذبنا الكافرين منهم.
وعدل عن ضمير الغيبة إلى ضمير المتكلم في قوله: {لعذبنا الذين كفروا} على طريقة الالتفات.
{إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأنْزل الله سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26)}.
ظرف متعلق بفعل {صدوكم} [الفتح: 25] أي صدوكم صدًّا لا عذر لهم فيه ولا داعي إليه إلا حميةَ الجاهلية، وإلا فإن المؤمنين جاءوا مسالمين معظمين حُرمة الكعبة سائقين الهدايا لنفع أهل الحرم فليس من الرشد أن يمنعوا عن العمرة ولكن حمية الجاهلية غطّت على عقولهم فصمّموا على منع المسلمين، ثم آل النزاع بين الطائفتين إلى المصالحة على أن يرجع المسلمون هذا العام وعلى أن المشركين يمكنوهم من العمرة في القابل وأن العامين سواء عندهم ولكنهم أرادوا التشفي لما في قلوبهم من الإحن على المسلمين.
فكان تعليق هذا الظرف بفعل {وصدوكم} مشعرًا بتعليل الصَّد بكونه حمية الجاهلية ليفيد أن الحمية مُتَمَكنة منهم تظهر منها آثارها فمنها الصد عن المسجد الحرام.
والحمية: الأنفة، أي الاستنكاف من أمرٍ لأنه يراه غضاضة عليه وأكثر إطلاق ذلك على استكبار لا موجب له فإن كان لموجب فهو إباء الضيم.
ولما كان صدهم الناس عن زيارة البيت بلا حق لأن البيت بيت الله لا بيتهم كان داعي المنع مجرد الحمية قال تعالى: {وما كانوا أولياءه} [الأنفال: 34].
و{جعل} بمعنى وضع، كقول الحريري في المقامة الأخيرة (اجعل الموت نصب عينك)، وقول الشاعر:
وإثمد يجعل في العين

وضمير {جعل} يجوز أن يكون عائدًا إلى اسم الجلالة في قوله: {ليدخل الله في رحمته} [الفتح: 25] من قوله: {لعذبنا الذين كفروا} [الفتح: 25] والعدول عن ضمير المتكلم إلى ضمير الغيبة التفات.
و{الذين كفروا} مفعول أول ل {جعل}.
و{الحمية} بدل اشتمال من {الذين كفروا}، و{في قلوبهم} في محل المفعول الثاني ل {جعل}، أي تخلّقُوا بالحمية فهي دافعة بهم إلى أفعالهم لا يراعون مصلحة ولا مفسدة فكذلك حين صدّوكم عن المسجد الحرام.
و{في قلوبهم} متعلق بـ {جعل}، أي وضع الحمية في قلوبهم.
وقوله: {حمية الجاهلية} عطف بيان للحمية قُصد من إجماله ثم تفصيله تقريرُ مدلوله وتأكيده مَا يحصل لو قال: {إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم حميةَ الجاهلية}.
وإضافة الحمية إلى الجاهلية لقصد تحقيرها وتشنيعها فإنها من خلق أهل الجاهلية فإن ذلك انتساب ذم في اصطلاح القرآن كقوله: {يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية} [آل عمران: 154] وقوله: {أفحكم الجاهلية يبغون} [المائدة: 50].
ويعكس ذلك إضافة السكينة إلى ضمير الله تعالى إضافة تشريف لأن السكينة من الأخلاق الفاضلة فهي موهبة إلهاية.
وتفريع {فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين}، على {إذ جعل الذين كفروا}، يؤذن بأن المؤمنين ودُّوا أن يقاتلوا المشركين وأن يدخُلوا مكة للعمرة عنوة غضبًا من صدّهم عنها ولكن الله أنزل عليهم السكينة.
والمراد بالسكينة: الثبات والأناة، أي جعل في قلوبهم التأنّي وصرف عنهم العجْلة، فعصمهم من مقابلة الحَمِية بالغضب والانتقاممِ فقابلوا الحمية بالتعقل والتثبت فكان في ذلك خير كثير.
وفي هذه الآية من النكت المعنوية مقابلة {جعل} بـ {أنزل} في قوله: {إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية} وقوله: {فأنزل الله سكينته} فدلّ على شرف السكينة على الحمية لأن الإنزال تخييل للرفعة وإضافة الحمية إلى الجاهلية، وإضافة السكينة إلى اسم ذاته.
وعُطف على إنزال الله سكينته {ألزمهم كلمة التقوى} [الفتح: 26]، أي جعل كلمة التقوى لازمة لهم لا يفارقونها، أي قرن بينهم وبين كلمة التقوى ليكون ذلك مقابلَ قوله: {وصدوكم عن المسجد الحرام} [الفتح: 25] فإنه لما ربط صدهم المسلمين عن المسجد الحرام بالظرف في قوله: {إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية الجاهلية} رَبْطًا يفيد التعليل كما قدمناه آنفًا رَبَطَ ملازمة المسلمين كلمة التقوى بإنزال السكينة في قلوبهم، ليكون إنزال السكينة في قلوبهم، وهو أمر باطني، مؤثرًا فيهم عملًا ظاهريًا وهو ملازمتهم كلمة التقوى كما كانت حمية الجاهلية هي التي دفعت الذين كفروا إلى صد المسلمين عن المسجد الحرام.
وضمير النصب في {وألزمهم} عائد إلى {المؤمنين} لأنهم هم الذين عوّض الله غضبهم بالسكينة ولم يكن رسول الله مفارقًا السكينة من قبل.
و{كلمة التقوى} إن حملت على ظاهرِ معنى {كلمة} كانت من قبيل الألفاظ وإطلاق الكلمة على الكلام شائع، قال تعالى: {إنها كلمة هو قائلها} [المؤمنون: 100] ففسرت الكلمة هنا بأنها قول: لا إله إلا الله.
وروي هذا عن أُبيّ بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي، وقال: هو حديث غريب.
قلت: في سنده: ثوير، ويقال: ثور بن أبي فاختة قال فيه الدارقطني: هو متروك، وقال أبو حاتم: هو ضعيف.
وروى ابن مردوية عن أبي هريرة وسلمةَ بن الأكوع مثله مرفوعًا وكلها ضعيفة الأسانيد.
وروي تفسيرها بذلك عند عدد كثير من الصحابة ومعنى إلزامه إياهم كلمة التقوى: أنه قدَّر لهم الثبات عليها قولا بلفظها وعملًا بمدلولها إذ فائدة الكلام حصول معناه، فإطلاق (الكلمة) هنا كإطلاقه في قوله تعالى: {وجعلها كلمة باقية في عقبه} [الزخرف: 28] يعني بها قول إبراهيم لأبيه وقومه {إنني بَراء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين} [الزخرف: 26، 27].
وإضافة {كلمة} إلى {التقوى} على هذا التفسير إضافة حقيقية.
ومعنى إضافتها: أن كلمة الشهادة أصل التقوى فإن أساس التقوى اجتناب عبادة الأصنام، ثم تتفرع على ذلك شعب التقوى كلها.
ورويت أقوال أخرى في تفسير {كلمة التقوى} بمعنى كلام آخر من الكلم الطيب وهي تفاسير لا تلائم سياق الكلام ولا نظمه.
ويجوز أن تحتمل {كلمة} على غير ظاهر معناها فتكون مقحمة وتكون إضافتها إلى التقوى إضافة بيانية، أي كلمة هي التقوى، ويكون المعنى: وألزمهم التقوى على حد إقحام لفظ اسم في قول لبيد:
إلى الحول ثم اسمُ السلام عليكما

ومنه قوله تعالى: {تبارك اسمُ ربك} [الرحمن: 78] على أحد التفسيرين فيه.
ويدخل في التقوى ابتداءً توحيدُ الله تعالى.
ويجوز أن يكون لفظ {كلمة} مطلقًا على حقيقة الشيء.
وجُماع معناه كإطلاق الاسم في قول النابغة:
نبئت زرعة والسفاهة كاسمِها ** يُهدي إلى غرائب الأشعار

ويؤيد هذا الوجه ما نقل عن مجاهد أنه قال: كلمة التقوى: الإخلاص.
فجعل (الكلمة) معنى من التقوى.
فالمعنى على هذين التوجهين الأخيرين: أنهم تخلقوا بالتقوى لا يفارقونها فاستعير الإلزام لدوام المقارنة.
وهذان الوجهان لا يعارضان تفسير كلمة {التقوى} بكلمة (الشهادة) المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يكون ذلك تفسيرًا بجزئي من التقوى هو أهمّ جزئياتها، أي تفسير مثال.